تقرير الفيفا يفضح الخلافات السياسية التي دمرت مدينة طنجة
![](https://mobachir.ma/wp-content/uploads/2024/12/2cb881af-4f15-40c5-adba-c740705c4e76-780x470.jpeg)
بقلم | عصام الطالبي
مع مرور ثلاث سنوات على انطلاق الولاية الانتدابية الحالية في طنجة، يظهر أن الأداء السياسي للمنتخبين والأحزاب قد شابته العديد من العثرات التي أدت إلى نتائج توصف بالكارثية، فعلى الرغم من الآمال التي عقدتها الساكنة على هذا الفرق السياسية لتحسين الأوضاع المحلية، إلا أن الخلافات والصراعات بين مختلف الفاعلين السياسيين أجهضت الكثير من المشاريع التنموية وأثرت سلبا على تسيير المدينة.
منتخبو طنجة لم يتمكنوا من تجاوز خلافاتهم السياسية والحزبية لخدمة المصلحة العامة، فالصراعات داخل المجالس المنتخبة، سواء بين أحزاب الأغلبية (التحالف) أو المنتمية إلى المعارضة أو حتى داخل الحزب الواحد، أدّت إلى شلل في اتخاذ القرارات وتأخر تنفيذ المشاريع الكبرى، التي يعول عليها الفاعلين الاقتصاديين والسياحيين وساكنة طنجة عموما.
وتغليبا للمصلحة الخاصة، صارت الأولوية في العديد من الأحيان، لترتيب التحالفات السياسية وخدمة الأجندات الخاصة، بدلا من العمل على تحسين أوضاع المدينة والانصات إلى هموم ومشاكل ساكنتها، والترافع عنها أمام مؤسسة الولاية أو القطاعات الوزارية، مع تسجيل تقصير للبرلمانيين الذين يمثلون المدينة في المؤسسة التشريعية.
لا يخفى على الجميع ان من أسباب التراجع الرهيب في أداء المنتخب في مدينة طنجة هو ضعف القيادة المحلية، حيث لا يخفى على الجميع أن بعض المنتخبين يفتقرون إلى الكفاءة والخبرة اللازمتين لتسيير الملفات الكبرى، مما أدّى إلى عشوائية في التسيير وغياب الرؤية الاستراتيجية، إضافة إلى انعدام التنسيق بين الفاعلين المحليين، حيث يُسجل غياب التنسيق بين المؤسسات المنتخبة والجهات الحكومية المحلية، ما ساهم في تعثر المشاريع وتعميق الفجوة بين تطلعات الساكنة وواقع التسيير.
إن الحزازات والخلافات بين المنتخبين لم تؤثر فقط على القرارات الكبرى، بل امتدت إلى المشاريع اليومية والخدمات الأساسية، حيث أصبحت بعض القرارات عالقة أو متأخرة بسبب النزاعات الشخصية والسياسية.
ونشير إلى أن العديد من المشاريع الكبرى التي كانت مبرمجة في بداية الولاية الانتدابية إما لم تُنفذ أو توقفت بسبب غياب التوافق والتنسيق بين المنتخبين، ما ساهم في تدهور جودة الخدمات الأساسية، إذ تعاني أحياء طنجة من تدهور في الخدمات مثل النظافة، النقل الحضري والقروي، البنية التحتية، والإنارة العمومية نتيجة الإهمال والصراعات “الخاوية”.
مما لا لُبس فيه، أن تصاعد الخلافات السياسية أمام أعين المواطنين أدى إلى فقدانهم الثقة في الأحزاب السياسية وممثليهم، ما يهدد بعزوف سياسي أكبر في الاستحقاقات البرلمانية والجماعية المقبلة، خصوصا إذا علمنا أن الخلافات المستمرة استنزفت الوقت (هدر الزمن الانتخابي) الذي كان يمكن استثماره في إيجاد حلول عملية للمشاكل التي تعاني منها المدينة.
ونحن أمام تحدي كبير لكسب رهان تنظيم جيد لكأس أفريقيا وكأس العالم، أقترح بعض السبل الممكنة للخروج من الأزمة التي تعيشها مدينة طنجة، أبرزها تعزيز الحوار بين الأحزاب والمنتخبين، إذ من الضروري تجاوز الخلافات السياسية والعمل بروح الفريق خدمة للمصلحة العامة، وإطلاق مبادرات تنموية عاجلة، لتدارك الوقت الضائع، كما يجب على المجالس المنتخبة إطلاق مشاريع تنموية ذات أولوية لتحسين الأوضاع المعيشية للساكنة، دون أن نغفل عن محاسبة المسؤولين عن التقصير، مع تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة لمعاقبة كل من تسبب في تعثر المشاريع أو أضر بالصالح العام.
ان إشراك الجمعيات المحلية والساكنة في اتخاذ القرارات، يمكن أن يسهم أيضا في تحسين جودة التسيير وتقوية الثقة بين المنتخبين والمواطنين.
ورسالة أخيرة لقياديي الأحزاب السياسية: عليكم اختيار مرشحين ذوي كفاءة وخبرة في المستقبل بدل الاعتماد على أصحاب “الشْكارة” وذلك لضمان تسيير أكثر احترافية للشأن المحلي، وإرجاع الهيبة للفاعل السياسي، فيكفي كمّ المتابعات والإعفاءات التي طالت رؤساء جماعات ومقاطعات وبرلمانيي تورطوا في ملفات الفساد وهدر المال العام، مسيئين الى صورة المؤسسة الحزبية والمنتخبة في بلادنا.
مدينة طنجة، بحجمها وإمكاناتها، لا تحتمل المزيد من التخبط السياسي والتراجع التنموي، فما حدث خلال الثلاث سنوات الماضية يشكل درسا هاما للأحزاب والمنتخبين، بأن تغليب المصالح الشخصية والحزبية يؤدي إلى نتائج كارثية على المدينة وساكنتها، لذلك، فإن التحرك العاجل لتصحيح المسار والتغلب على الخلافات السياسية أصبح أمرا حتميا لتدارك ما يمكن تداركه خلال ما تبقى من هذه الولاية الانتدابية.