الرميد: مدونة الصحافة هي المرجع في محاكمة الصحفيين والمدونين

شدد وزير العدل المغربي السابق، مصطفى الرميد، على ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين السياسي والصحفي، معتبرًا أن الطرفين ليسا خصمين بطبيعتهما، لكن الممارسات على الأرض كثيرًا ما تعكس خلاف ذلك.
وقال الرميد في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوكة”، إن السياسي غالبًا ما يتضايق من التغطيات الإعلامية الاستقصائية أو النقدية التي تفضح أوجه القصور في تدبيره أو القرارات التي يتخذها، في حين يشعر الصحفي بالضيق حينما يُقاضى من طرف السياسي بسبب ما يعتبره “فضحًا للحقائق”، وهو ما يراه الرميد نتيجة طبيعية لتحمل كل طرف لمسؤوليته.
وأكد الوزير السابق أن المسؤولية السياسية، وفقًا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لا تعني فقط اتخاذ القرار، بل تحمّل تبعاته أيضًا. فالمسؤول الذي تُوجَّه إليه اتهامات بالفساد أو انعدام النزاهة الأخلاقية، دون أن يلجأ إلى القضاء، يُفهم منه ضمناً إقراره بما نُسب إليه، ويصبح ملزمًا أخلاقيًا، إن لم يكن سياسيًا، باتخاذ قرار بالاستقالة أو انتظار الإقالة.
في المقابل، يرى الرميد أن المسؤول السياسي الذي يلجأ إلى القضاء في مواجهة مقال أو خبر يراه مسيئًا، إنما يمارس حقه المشروع، بل ويعبر بذلك عن احترامه للصحافة والقانون معًا. أما السياسي الذي يلتزم الصمت أمام اتهامات ثقيلة، دون حتى توضيح موقفه أو إصدار بيان حقيقة، فإنه يبعث برسالة ضعف في التواصل وعدم جاهزية لمواجهة الرأي العام، وهو ما لا يليق بمن يتحمل مسؤولية عمومية.
وفي الوقت نفسه، نبّه الرميد إلى أن اللجوء إلى القضاء من قبل السياسي لا ينبغي أن يكون بدافع الانتقام أو الضغط على الصحفي، بل بهدف الوصول إلى الحقيقة. وإذا ما بادر الصحفي بالاعتذار أو سحب تصريح مسيء، فإن ذلك ينبغي أن يُعد كافياً لإنهاء النزاع، واعتباره بمثابة “صك براءة” يُرحب به المسؤول.
وبخصوص الجوانب القانونية، أكد الرميد أن أي متابعة لصحفي أو مدوّن يجب أن تتم وفقًا لمقتضيات مدونة الصحافة والنشر، ما دام أن الأمر يتعلق بمحتوى منشور على دعامة ورقية أو إلكترونية. وأشار إلى المادة 72 من المدونة، التي تجرّم نشر الأخبار الزائفة أو الوقائع غير الصحيحة بسوء نية، وتُعد مرجعية في مثل هذه الحالات، إضافة إلى المواد 81، 82، 84، و85 التي تنظم حالات القذف والمسّ بالشرف.
وختم الرميد بالتأكيد على أن التتبع الإعلامي المسؤول للفاعل السياسي يعزز من وعي هذا الأخير، ويدفعه لمزيد من احترام القانون، كما أن مقاضاة الصحفيين – حينما تتم ضمن الضوابط القانونية – تجعلهم أكثر حرصًا على المصداقية وتقصي الحقيقة. وهو ما يُسهم، في نهاية المطاف، في تخليق الحياة السياسية والإعلامية، ويعزز المسار الديمقراطي بالمغرب.


