دعوة إلى وساطة ثلاثية لفتح قنوات التواصل بين المغرب والجزائر

دعا المنتدى المغاربي للحوار إلى تفعيل وساطة جماعية ثلاثية تضم كلا من موريتانيا وتونس وليبيا، بهدف إعادة فتح قنوات التواصل بين الجزائر والمملكة المغربية، في خطوة اعتبرها مدخلاً عملياً لإحياء مسار الحوار وترميم الثقة بين البلدين بعد سنوات من القطيعة والتوتر.
وأوضح المنتدى، في بيان له، أن نجاح هذه المبادرة لا يقتصر على بعدها الرمزي، بل يشكل آلية واقعية لإعادة بناء الثقة وتهيئة الأرضية لاستئناف مسارات التعاون المتوقفة، بما يسمح بإعادة ترتيب البيت المغاربي وتعزيز الاستقرار الإقليمي، مؤكداً أن تهدئة العلاقات بين الجزائر والمغرب تظل شرطاً أساسياً لأي مشروع اندماجي حقيقي في المنطقة.
وسجل البيان أن استمرار التوتر بين البلدين ينعكس سلبا على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة المغاربية، ويحد من إمكانيات التكامل المشترك، معتبراً أن الوساطة المغاربية لم تعد خيارا ثانويا، بل ضرورة تفرضها التحديات الراهنة وارتباط مستقبل المنطقة بقدرتها على إدارة خلافاتها بروح جماعية تتجاوز منطق الاصطفاف والحسابات الضيقة.
وفي هذا السياق، أبرز المنتدى الدور الممكن للدول الثلاث، موريتانيا وتونس وليبيا، باعتبارها أطرافاً تتمتع بحياد نسبي ومقومات دبلوماسية تخول لها لعب دور الجسر بين الرباط والجزائر. وأشار إلى أن موريتانيا تحتل موقعاً محورياً في هذا التصور نظراً لاستقرارها السياسي النسبي وحفاظها على علاقات متوازنة مع البلدين، إلى جانب نهجها الدبلوماسي الهادئ وموقفها المتزن من القضايا الخلافية، وعلى رأسها ملف الصحراء.
كما أكد المنتدى أن الموقع الجغرافي لموريتانيا، الواقع عند تقاطع المغرب والجزائر ومنطقة الساحل، يجعل أمنها مرتبطاً بشكل وثيق باستقرار محيطها، وهو ما يمنحها دافعاً موضوعياً لتعزيز جهود التهدئة وتقريب وجهات النظر ضمن رؤية شاملة لاستقرار المغرب الكبير.
وبخصوص تونس، اعتبر البيان أن دبلوماسيتها ما تزال تشكل رصيداً مهماً لأي مسعى وساطي، رغم التحديات الداخلية التي تواجهها، مستندة إلى إرث طويل من الاعتدال والبحث عن التوافق، إضافة إلى حيوية مجتمعها المدني وقدرته على ترسيخ قيم الحوار والانفتاح.
أما ليبيا، فرغم تعقيد وضعها الداخلي، شدد المنتدى على أهمية إشراكها في هذه المبادرة لما يحمله ذلك من دلالة سياسية ورمزية تعكس إرادة جماعية لبناء مقاربة شاملة لا تقصي أي طرف من المنظومة المغاربية، معتبراً أن استقرارها يظل جزءاً لا يتجزأ من استقرار المنطقة برمتها.
واعتبر المنتدى أن تلاقي أدوار الدول الثلاث يمكن أن يشكل رافعة حقيقية لإطلاق مسار جديد يقوم على خطوات تدريجية لبناء الثقة، وتخفيف التوتر السياسي والإعلامي، وإعادة قنوات التواصل دون القفز مباشرة إلى الملفات الشائكة، في أفق إحياء المشروع المغاربي على أسس واقعية ومنسجمة مع خصوصيات المنطقة.
وختم المنتدى بيانه بالتأكيد على أن التجارب الدولية أثبتت نجاعة الوساطات الإقليمية متعددة الأطراف حين تنبثق من داخل الفضاء الجغرافي نفسه، بعيداً عن الضغوط الخارجية، ما يمنحها فرصاً أكبر للقبول والاستدامة.



