دموع أوزين.. مناورة عاطفية لاستمالة أصوات الناخبين

شهدت الساحة السياسية المغربية مشاهد لعبت فيها العاطفة الدور الأبرز، تمثلت في ظهور عدد من القادة السياسيين، أبرزهم محمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، وهو يذرفون الدموع علنا خلال خطابه.
هذه اللحظات، التي قد تفهم في سياقات أخرى كتعبير عن الإحساس بالمسؤولية أو التأثر، تحولت في الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى محط سخرية ونقد، وصفت من خلالها بأنها مؤشر على “إفلاس الخطاب الحزبي” وعجزه عن تقديم إجابات عملية لمشاكل المواطنين اليومية.
فدموع أوزين، التي ارتبطت بحديثه عن معاناة أبناء قريته وذكرى والدته، لم تستقبل كبادرة إنسانية صادقة بقدر ما تم تفسيرها على أنها مناورة عاطفية تهدف إلى استمالة الناخبين قبيل الاستحقاقات الانتخابية.
من المنظور السيكولوجي، يمكن أن تكون هذه المشاهد تعبيرا عن ضغوط نفسية هائلة أو شعور بالعجز. لكن الإشكال يكمن في صعوبة فصل الصادق عن المتصنع في الفضاء السياسي، مما يجعل “البكاء العلني” استراتيجية محفوفة بالمخاطر: قد تمنح متعاطفين لحظويين، لكنها قد تضعف صورة القائد وتقوض مصداقيته على المدى البعيد.
وتتعمق المفارقة حين يُلاحظ أن هذه المشاهد العاطفية لا تحدث عادة خلال جلسات المساءلة البرلمانية أو عند تعثر مشاريع التنمية أو ارتفاع معدلات البطالة، بل تتركز في التجمعات الانتخابية وأمام عدسات الكاميرات. وهو ما يطرح تساؤلاً جوهرياً: هل تحتاج معاناة المواطنين التي يعرفها الجميع إلى دموع سياسيين لتصبح مرئية؟
المواطن المغربي، الذي يعيش تداعيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي يومياً، لم يعد يتطلع إلى قائد “يبكي” معه، بل يطمح إلى مسؤول “يفهم” أسباب هذا الألم ويعمل على تحويله إلى سياسات عامة فاعلة. فالسياسة في نهاية المطاف ليست مسرحاً للدراما العاطفية، وإنما هي مجال للتخطيط واتخاذ القرار وتحمل المسؤولية.


