المغرب يسترجع 533 مليون درهم من الأموال المختلسة خلال سنة 2024

كشف التقرير السنوي للوكالة القضائية للمملكة عن حصيلة لافتة في مجال حماية المال العام خلال سنة 2024، بعدما تمكنت الخزينة العامة للدولة من استرجاع مبالغ مالية ضخمة ناهزت 533 مليون درهم، بفضل أحكام قضائية نهائية صدرت لفائدة الدولة في قضايا تتعلق باختلاس وتبديد المال العام.
وأوضح التقرير أن هذه الحصيلة تمثل قفزة نوعية مقارنة بسنة 2023، التي لم تتجاوز فيها المبالغ المسترجعة 73,7 مليون درهم، ما يعكس تطوراً ملموساً في نجاعة المتابعات القضائية المرتبطة بالجرائم المالية، وتعزيز فعالية آليات صون الحقوق المالية للدولة. وأبرز المصدر أن الوكالة القضائية للمملكة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، تمارس حق تقديم المطالب المدنية باسم الدولة أمام المحاكم الزجرية، بهدف استرجاع الأموال المختلسة أو المبددة، وهو ما أسفر خلال سنة 2024 عن أحكام قطعية أعادت ما يقارب 533 مليون درهم إلى خزينة الدولة.
وأشار التقرير إلى أن مجموع الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الدولة خلال السنة نفسها، والمتعلقة بقضايا الأموال المختلسة وصوائر الدولة، بلغ حوالي 540,34 مليون درهم، في إطار المهام المنوطة بالوكالة في مجال حماية المال العام. كما لفت إلى أن تدخلات الوكالة لا تقتصر على قضايا الجرائم المالية، بل تشمل أيضاً استرجاع الصوائر التي تتحملها الدولة لفائدة موظفيها، تطبيقا لمقتضيات الفصلين 28 و32 من قانوني المعاشات المدنية والعسكرية، من خلال حلول الدولة محل الموظفين المتضررين، خاصة في قضايا حوادث السير، قصد استرجاع المبالغ المؤداة من المسؤولين عن الضرر أو من شركات التأمين.
وفي هذا السياق، أفادت الوثيقة بأنه خلال سنة 2024 تم التوصل بنحو 870 قضية جديدة تتعلق باسترجاع الصوائر، وأسفرت المساطر القضائية والودية التي باشرتها الوكالة عن أحكام أقرت بحق الدولة في استرجاع حوالي 2,31 مليون درهم، إضافة إلى تحويل 3,6 ملايين درهم لفائدة الخزينة العامة، في إطار تتبع الملفات مع شركات التأمين. كما بلغ مجموع الأموال العمومية التي تم تحويلها إلى خزينة الدولة خلال السنة نفسها، في إطار مختلف المساطر القضائية، بما فيها قضايا الجرائم المالية وصوائر الدولة والتعويض عن احتلال المساكن الإدارية والوظيفية، ما يناهز 8,94 ملايين درهم.
وسجل التقرير أن الوكالة القضائية للمملكة توصلت خلال سنة 2024 بما مجموعه 21.218 قضية جديدة، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 15 في المئة مقارنة بسنة 2023، ما يعكس استمرار ارتفاع منسوب المنازعات التي تكون الدولة طرفاً فيها. وتوزعت هذه القضايا بين 12.308 قضية معروضة على القضاء الإداري، و8.040 قضية أمام القضاء العادي، إضافة إلى 870 قضية تهم المساطر الحبية، حيث ما تزال المنازعات الإدارية تشكل النسبة الأكبر بحوالي 58 في المئة من مجموع القضايا.
وأشار التقرير إلى أن عدد المنازعات الإدارية عرف نوعاً من الاستقرار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في حدود 12 ألف قضية سنوياً، رغم الدينامية الاقتصادية التي تعرفها البلاد وتنفيذ الدولة لعدد من المشاريع الكبرى، معتبراً أن هذا الاستقرار يعكس الآثار الإيجابية لجهود الوقاية من المنازعات وارتفاع وعي الإدارات العمومية بضرورة احترام المشروعية. كما تمثل القضايا المعروضة على القضاء العادي حوالي 38 في المئة من مجموع القضايا الجديدة، وتشمل المنازعات المدنية والجنائية والتجارية، مسجلة بدورها استقراراً نسبياً خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وعلى مستوى طبيعة المنازعات، أوضح التقرير أن منازعات القضاء الشامل تتصدر بنسبة تقارب 43 في المئة، تليها منازعات قضاء الإلغاء بنسبة 15 في المئة، حيث يشمل القضاء الشامل قضايا متعددة مرتبطة بنشاط الإدارة، من قبيل المسؤولية الإدارية، والاعتداء المادي، والعقود الإدارية، والصفقات العمومية، وتسوية الوضعيات الفردية والمعاشية. أما قضاء الإلغاء فيتعلق بالرقابة على مشروعية القرارات الإدارية والطعن فيها، ورغم محدودية عدد ملفاته، فإن آثاره المالية تظل كبيرة بالنظر لما يترتب عن إلغاء القرارات الإدارية من التزامات مالية وتعطيل محتمل لمشاريع الاستثمار العمومي.
وأفادت الوثيقة بأن القضايا المدنية تمثل حوالي 23 في المئة من مجموع القضايا، وتعكس استمرار ارتباط الدولة بعلاقات يحكمها القانون الخاص، مثل الكراء والتشغيل وإفراغ المساكن الإدارية، في حين تشكل القضايا الجنائية نحو 14 في المئة، وتتعلق أساساً بالجرائم المالية وقضايا الحماية القانونية لموظفي الدولة.
كما كشف التقرير أن القطاعات الوزارية تشكل المصدر الرئيسي للقضايا، إذ تستأثر خمسة قطاعات فقط بنحو 47 في المئة من مجموع القضايا الجديدة، أي ما يعادل 10.099 قضية، وهو ما يعكس العلاقة المباشرة بين حجم نشاط الإدارة واتساع نطاق المنازعات المرتبطة بها. وسجل أن منازعات البنيات التحتية والخدمات تمثل النسبة الأكبر بحوالي 93,5 في المئة، مقابل 6,5 في المئة فقط لمنازعات الاستثمار، مع التنبيه إلى أن قلة عدد هذه الأخيرة لا تعكس بالضرورة محدودية أثرها، نظراً لكلفتها المرتفعة وتعقيد مساطرها، خاصة في مجال التحكيم.
وفي ما يخص المتابعات القضائية، أورد التقرير أن عدد الموظفين العموميين المتابعين خلال سنة 2024 بلغ 1690 موظفاً، تمت إحاطة الوكالة القضائية علماً بهذه المتابعات من طرف النيابة العامة، حيث تصدرت مخالفات الضوابط الإدارية قائمة المتابعات بـ 845 حالة، تليها باقي الجرائم بـ 696 حالة، ثم قضايا الجرح غير العمدي بـ 149 حالة.
كما تولت الوكالة خلال السنة نفسها الدفاع عن 2213 موظفاً تعرضوا لاعتداءات أثناء أداء مهامهم، مع تسجيل انخفاض بنسبة 9,3 في المئة مقارنة بسنة 2023، في سياق عرف تذبذباً في عدد هذه القضايا خلال السنوات الأخيرة.



