بعد التسوية الضريبية.. طنجة في حاجة لتسوية وضعية العقارات المخالفة

متابعة | ياسر الصيباري
تواجه مدينة طنجة تحديات متزايدة في مجال التعمير، حيث تعج المدينة بمئات البنايات، سواء كانت منازل، عمارات سكنية، أو مشاريع استثمارية، التي تم إنشاؤها بشكل مخالف لقوانين وضوابط البناء، هذه الوضعية لا تهدد فقط النسق العمراني للمدينة، بل تلقي بظلالها على التنمية المستدامة والعدالة المجالية التي تسعى إليها طنجة كمدينة حديثة ومركز اقتصادي واعد.
واقع البنايات المخالفة في طنجة
تشير تقارير محلية إلى أن العديد من المنازل والعمارات والتجزئات السكنية في طنجة تم إنشاؤها خارج الضوابط القانونية، سواء بسبب البناء دون تراخيص، أو تجاوز التصاميم الهندسية المرخصة، أو إقامة مشاريع استثمارية على أراض مخالفة لطبيعتها العمرانية، هذه الوضعية أسفرت عن انتشار عشوائي للبناء، أدى إلى تشويه جمالية المدينة، وتعطيل جهود التخطيط العمراني المنظم، إلا أنّ هذا الواقع لم يتم التعامل معه بشكل منطقي من طرف الجهات الوصية.
ونلخص انعكاسات الوضع العمراني الحالي بمدينة طنجة في النقاط التالية:
٠تشويه المشهد العمراني، فالانتشار الواسع للبنايات المخالفة يؤثر على التناسق المعماري ويخلق فوضى بصرية تعيق جمالية المدينة.
ضياع الموارد المالية، في ظل غياب تسوية قانونية لهذه البنايات ما يحرم جماعة طنجة من مداخيل مالية كبيرة يمكن استثمارها في تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية وتجويد المرافق الحيوية.
التأثير على المشاريع الاستثمارية، عبر تواجد مشاريع استثمارية غير قانونية ما يعكس صورة سلبية عن البيئة الاستثمارية، وقد يثني أيضا المستثمرين عن اختيار طنجة كمركز لنشاطاتهم.
التسوية العقارية
ولتجاوز هذه الإشكاليات، تبرز تسوية وضعية هذه البنايات كخطوة ضرورية تتطلب إرادة سياسية قوية ومقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الجميع، يمكن أن تشمل هذه المقاربة:
1.إجراءات قانونية مرنة: إقرار قوانين تسوية تسمح لأصحاب البنايات المخالفة بتقنين وضعيتهم عبر دفع غرامات مالية مع الالتزام بإجراءات تصحيحية.
2.إحداث لجان محلية مختصة: تكوين لجان تقنية لدراسة كل حالة على حدة، وتقديم حلول عملية تنسجم مع التصاميم العمرانية للمدينة.
3.التوعية والإرشاد: إطلاق حملات توعوية للمواطنين حول أهمية الالتزام بقوانين التعمير لتجنب تكرار المخالفات مستقبلا.
ماذا سنستفيد!؟
أولا: تحقيق مداخيل مالية ضخمة، من خلال فرض رسوم التسوية والغرامات، يمكن للجماعة تحقيق مداخيل مالية تقدر بالملايير، ما سيدعم ميزانيتها ويمكنها من تنفيذ مشاريع تنموية.
ثانيا: تعزيز العدالة العمرانية، تسوية الوضعية تضمن حقوق السكان، خصوصا في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء.
ثالثا: تحسين المشهد الحضري، من خلال تقنين البناء العشوائي، تستعيد طنجة جمالية نسقها العمراني، خاصة مع استعدادها لاحتضان تظاهرات عالمية.
طنجة، التي تطمح لأن تكون مركزا اقتصاديا وسياحيا عالميا، تحتاج إلى معالجة مشكلة البنايات المخالفة بجدية لضمان تنمية مستدامة تتماشى مع مكانتها كمدينة حديثة، فتسوية الوضعية القانونية لهذه البنايات لن يساهم فقط في تحسين مظهر المدينة، بل سيشكل أيضا قاعدة قوية لتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
إن معالجة وضعية البنايات المخالفة ليست مجرد قضية قانونية، بل هي خطوة ضرورية لضمان مستقبل أفضل لمدينة طنجة وسكانها، بالتخطيط المحكم والإرادة السياسية القوية، يمكن تحويل هذا التحدي إلى فرصة لتعزيز التنمية الحضرية وترسيخ ثقافة التعمير القانوني.



