قرار مجلس الأمن يشعل الجدل بإسبانيا حول مستقبل سبتة ومليلية المحتلتين

أثار القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي، الذي جدد دعمه الواضح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، تفاعلات واسعة داخل إسبانيا، حيث تحول جزء من الإعلام والسياسة هناك إلى قراءة هذا التطور الأممي ضمن سياقات تتجاوز حدود النزاع الإقليمي المعروف، لتصل إلى ملف أكثر حساسية: سبتة ومليلية المحتلتين.

فمنذ صدور القرار الأممي، سارعت منابر صحفية إسبانية إلى إحياء النقاش حول علاقة “التحول الدولي تجاه الصحراء” بمستقبل المدينتين شمال المغرب.

صحيفة “إل كونفيدينسيال” تساءلت بوضوح: “بعد الصحراء.. هل يأتي دور سبتة؟”، معتبرة أن الرباط تستند اليوم إلى شرعية دبلوماسية أقوى. أما “إل إسبانيول” فذهبت مباشرة إلى القول إن “المغرب سيتجه نحو سبتة ومليلية”، فيما تحدثت “لاراثون” بلغة أقرب إلى الإنذار: “وماذا لو قرر المغرب غزو سبتة ومليلية؟”.

هذا الطرح الإعلامي المستفز امتد إلى الأوساط السياسية الإسبانية. الحكومة المركزية رحبت بقرار مجلس الأمن واعتبرته خطوة إيجابية تعزز الاستقرار الإقليمي، بينما عبر تحالف “سومار” عن قلقه، قائلا إن القرار “انحياز صريح للموقف المغربي”. هذا الانقسام يعكس حساسية الملف داخل مدريد، خصوصا بعد سنوات من التوتر الذي أعقبه التقارب المغربي-الإسباني إثر خريطة الطريق المشتركة لسنة 2022.

قرار مجلس الأمن الذي مدد ولاية المينورسو إلى غاية أكتوبر 2026، لم يكتف هذه المرة بالإشارة إلى المبادرة المغربية ضمن لائحة الحلول، بل أكد صراحة أن الحكم الذاتي “حل واقعي وعملي” ودعا الأطراف إلى التفاوض “دون شروط مسبقة”. وهي صيغة تعكس تحولا في بنية الخطاب الأممي، ينتقل من إدارة الأزمة إلى الدفع نحو حل نهائي في إطار المبادرة المغربية.

أمام هذا المعطى، يرى محللون مغاربة أن التأويل الإسباني المبالغ فيه يكشف تخوفا من تغيير في موازين القوة لصالح الرباط، وليس وجود إشارات مغربية رسمية تربط بين القرار الأممي وملف سبتة ومليلية. فالمغرب لم يبدّل خطابه: الحكم الذاتي إطار أممي واضح لإنهاء نزاع الصحراء، وليس منصة صدام جديدة مع مدريد.

وعليه، يبدو أن ما يثير بعض الأوساط الإسبانية اليوم ليس مضمون القرار الأممي بقدر ما يثيرها ما قد يترتب عنه مستقبلا: عالم يعترف شيئا فشيئا بأن المقترح المغربي هو الخيار العملي الوحيد. وهذا بالنسبة للبعض داخل إسبانيا… أكثر من كاف لتغيير قواعد اللعبة في المتوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى