ما الذي يجعل قرار مجلس الأمن نقطة تحوّل في مسار نزاع الصحراء المغربية؟

مقال رأي | زكرياء نايت
في قرار جديد يعزز الموقف المغربي داخل أروقة الأمم المتحدة، عبر مجلس الأمن الدولي عن دعمه الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، مؤكدا أنها تشكل الأساس الجدي والواقعي لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وهو ما يعد انتصارا دبلوماسيا جديدا للمملكة في معركة الشرعية الدولية.
القرار الأممي الأخير الذي حظي بتأييد واسع داخل مجلس الأمن، لم يكتف فقط بالإشارة إلى المبادرة المغربية كما كان حدث في قرارات سابقة، بل نص بصريح العبارة على “أخذ مقترح الحكم الذاتي كأساس للتفاوض” دون غيره، في خطوة تؤكد أن المجتمع الدولي بات يعتبر هذا المقترح الطريق الوحيد نحو حل نهائي للنزاع المفتعل.
تحول جوهري في الموقف الأممي
لأول مرة منذ سنوات طويلة يستخدم مجلس الأمن في قراراته لغة حاسمة وواضحة تبرز واقعية المقترح المغربي، إذ دعا جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات جادة “دون شروط مسبقة” على أساس المبادرة المغربية، معتبرا أن الحل السياسي الواقعي والعملي هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا النزاع الذي طال أمده.
كما رحب المجلس بجميع”المبادرات البناءة” من الأطراف في إطار المقترح المغربي، وهي صيغة تظهر أن الأمم المتحدة ترى في مبادرة الحكم الذاتي المرجعية الوحيدة القابلة للتطوير، وليس خيارا من ضمن خيارات أخرى كما يحاول الإعلام الجزائري الترويج له منذ التصويت على القرار.
دعاية جزائرية بوجه مكشوف
في المقابل، سارع الإعلام الجزائري إلى التقليل من أهمية القرار، مدعيا أنه لم يدعم الحكم الذاتي وأن الاستفتاء ما زال مطروحا.
غير أن هذا الادعاء يفتقر لأي أساس قانوني أو لغوي، لأن مصطلح “الاستفتاء” لم يرد في أي قرار لمجلس الأمن منذ أكثر من عقدين، بعدما اعتبر خيارا غير عملي ومستحيل التطبيق.
كما أن قرارات المجلس منذ سنة 2007 تؤكد بوضوح تام على البحث عن حل سياسي واقعي وعملي ودائم، وهي عبارات صيغت خصيصا لوصف المبادرة المغربية.
إضافة إلى أن الأمم المتحدة نفسها، عبر أمينها العام ومبعوثها الشخصي، تعتبر مقترح المغرب هو الإطار المرجعي الوحيد للمفاوضات.
بالتالي، فمحاولات الجزائر تقديم رواية مغايرة ليست سوى هروب إلى الأمام لتبرير فشلها في إقناع المجتمع الدولي بمشروعها الانفصالي المتجاوز تاريخيا وواقعيا.
دعم دولي متزايد للموقف المغربي
القرار الجديد يأتي في سياق دعم دولي متنام للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حيث أكدت الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا، وعدد كبير من الدول الإفريقية والعربية أن المبادرة المغربية تمثل الحل الوحيد الجدي وذي المصداقية.
كما تواصل دول عديدة فتح قنصلياتها في مدينتي العيون والداخلة وآخرهم دولة الباراغواي ، في اعتراف دبلوماسي صريح بمغربية الصحراء وبالاستقرار الذي تعرفه المنطقة.
مغزى الانتصار المغربي
بهذا القرار، يكون مجلس الأمن قد أرسى معادلة جديدة: لا حديث بعد اليوم عن “استفتاء” – لا مجال لأي طرح انفصالي – الأساس الوحيد للحل هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وهو ما يعني أن المعركة السياسية والدبلوماسية تميل نهائيا لصالح المغرب، بينما يجد خصومه أنفسهم في عزلة متزايدة، بعد أن فشلت دعايتهم في إقناع العالم بأي بديل واقعي.
نحو طي صفحة النزاع بشكل نهائي
إن نجاح الدبلوماسية المغربية في فرض هذا التوجه داخل الأمم المتحدة لم يأت بالصدفة، بل هو نتيجة رؤية ملكية حكيمة جعلت من الواقعية والشرعية الدولية ركيزتين في الدفاع عن وحدة التراب الوطني.
واليوم، باتت الأمم المتحدة تتحدث بنفس اللغة التي يتحدث بها المغرب منذ 2007، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة عنوانها:
الحل النهائي في إطار السيادة المغربية الكاملة.



