وكالة تنمية أقاليم الشمال..إنجازات رقمية طموحة ولكن..!

متابعة | هيئة التحرير

انعقد المجلس الإداري لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال في دورته الثالثة عشرة يوم الاثنين 21 يوليوز بالرباط، وسط أجواء تعكس زخما رقميا ملحوظا في عرض الحصيلة السنوية لسنة 2024، وتطلعات مستقبلية طموحة للفترة 2026-2028، غير أن القراءة الموضوعية لما تم تقديمه تكشف عن مفارقات تفرض نقاشا حول مدى واقعية هذه الأرقام، ونجاعة تدخلات الوكالة في تحقيق التنمية الفعلية في المجال الترابي الذي تشرف عليه.

إنجازات ضخمة.. ولكن؟

الرقم المقدم بشأن إنجاز 3943 مشروعا بنسبة تنفيذ بلغت 85% يبدو في ظاهره مؤشرا مشجعا، إلا أن غياب التفاصيل النوعية حول هذه المشاريع يطرح أكثر من سؤال، ما طبيعة هذه المشاريع؟ ما أثرها الملموس على معيش المواطنين؟ وهل تم تقييم أثرها الاجتماعي والاقتصادي بشكل علمي مستقل؟

غالبا ما يتم استخدام لغة الأرقام لإبراز حجم العمل دون الإشارة إلى وقع النتائج، مما يجعل الإنجازات المعلنة عرضة للتشكيك، خصوصا حين يظل الواقع المعيشي في العديد من الجماعات القروية والشبه الحضرية بالشمال يعاني من الهشاشة والتهميش، رغم مرور سنوات على إطلاق برامج تنموية مهيكلة.

استثمارات ضخمة.. من الممول الحقيقي؟

الإشارة إلى تعبئة استثمارات بقيمة 52 مليار درهم، مع مساهمة الوكالة بـ2.5 مليار فقط وتدبيرها لأزيد من نصف هذا الغلاف المالي، قد يُفهم على أنه نجاح في الجلب والتنسيق، لكنه يطرح أيضا علامات استفهام حول الدور الفعلي للوكالة: هل هي فاعل مباشر في الإنجاز، أم مجرد وسيط مالي وإداري بين الدولة والفاعلين المحليين؟ كما أن الإعلان عن قدرة الوكالة على تعبئة 20 درهما لكل درهم مستثمر لا يمكن اعتباره إنجازا في حد ذاته، ما لم تتم ترجمته إلى تحسن في مؤشرات التنمية البشرية في الأقاليم المعنية.

تنمية المراكز القروية.. الرهان المستمر

من النقاط الإيجابية التي تضمنها التقرير تركيزه على العالم القروي، خصوصا من خلال برامج تقليص الفوارق، وتعميم التعليم الأولي، وتأهيل المراكز القروية، وهي أولويات ملحة، غير أن الإشكال يكمن في عدم وضوح معايير اختيار المناطق المستفيدة، وغياب تقييمات دورية لمدى نجاعة هذه المشاريع، ناهيك عن التفاوتات المجالية الكبيرة التي ما تزال قائمة بين الشريط الساحلي والمناطق الجبلية أو النائية.

خطة 2026-2028.. رؤية تحتاج إلى واقعية

الخطة المستقبلية التي أعلنت عنها الوكالة للفترة 2026-2028، ورغم ما تحمله من طموحات في التأهيل المجالي والاجتماعي، ما تزال تفتقر إلى تفاصيل كافية حول آليات التنفيذ، وتوزيع الاعتمادات، ومدى إدماج المجالس المنتخبة والساكنة في بلورة المشاريع، لتفادي تكرار نماذج فشلت سابقا بسبب الطابع المركزي في اتخاذ القرار.

ختاما، لا شك أن وكالة تنمية الشمال تبذل مجهودات محمودة في توجيه الاستثمارات نحو مناطق ظلت لسنوات على هامش السياسات العمومية، غير أن هذه الجهود تحتاج إلى تعزيز معايير الشفافية، ومواكبة ميدانية صارمة، وربط الإنجاز بالأثر الحقيقي لا فقط بالأرقام، فالتنمية ليست فقط في عدد المشاريع، بل في أثرها في حياة الناس، وحقهم في الولوج العادل إلى الخدمات والفرص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى