قانون جديد يضع ثروة القضاة وعائلاتهم وحساباتهم البنكية تحت المراقبة

دخلت رسميا مقتضيات القانون المتعلق بالمفتشية العامة للشؤون القضائية حيز التنفيذ، بعد صدوره في الجريدة الرسمية عدد 7009، الصادر بتاريخ 2 غشت الجاري.

ويحدد القانون الجديد الذي يأتي تطبيقا لأحكام المادة الـ53 من القانون التنظيمي رقم 10.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية تأليف المفتشية العامة للشؤون القضائية اختصاصاتها وقواعد تنظيمها وحقوق أعضائها وواجباتهم.

ويتكون القانون، من 36 مادة موزعة على خمسة أبواب، ينص الباب الأول على أحكام عامة، فيما يتطرق الباب الثاني إلى تأليف المفتشية العامة، بينما يهم الباب الثالث اختصاصات هذه الأخيرة وقواعد تنظيمها، وهو مقسم إلى 3 فصول، يتعلق الأول بالتفتيش القضائي المركزي للمحاكم، والثاني يهم التفتيش القضائي اللامركزي للمحاكم، فيما يرتبط الثالث بالأبحاث والتحريات. في حين يتناول الباب الرابع الحقوق والواجبات، بينما خصص الباب الخامس للمقتضيات الختامية.

وتعتبر المفتشية العامة، بموجب المادة 3 من القانون، من “الهياكل الإدارية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتتبع له في أداء مهامها”، فيما نصت المادة الـ4 على أن يتألف هذه الجهاز الإداري من مفتش عام، ونائب له، ومفتشين، وكذا مفتشين مساعدين، علاوة على موارد بشرية ومالية يضعها المجلس رهن إشارة المفتشية العامة.

كما ينص القانون على أن “يعيّن المفتش العام بظهير شريف من بين ثلاثة قضاة من الدرجة الاستثنائية، باقتراح من الرئيس المنتدب بعد استشارة أعضاء المجلس، لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، غير أنه يمكن وضع حد لهذا التعيين قبل انصرام هذه المدة”.

ويشير القانون أيضا إلى أن المجلس، يعين باقتراح من المفتش العام، نائبا لهذا الأخير، من بين القضاة من ذوي الخبرة المرتبين في الدرجة الاستثنائية، يتولى، علاوة عن مهام التفتيش المنوطة به، “مساعدة المفتش العام في إدارة شؤون المفتشية العامة، والنيابة عنه في حالة غيابه أو تعذر قيامه بمهامه”.

هذا ونص كذلك القانون على تعيين مفتشين مساعدين من بين القضاة المرتبين في الدرجة الثانية أو الثالثة، يتولون مهمة إعداد التقارير التي يسندها إليهم المفتش العام، ويساعدون المفتشين في أداء الأشغال المسندة إليهم. بينما يمنع عليهم “إجراء الأبحاث والتحريات، غير أنه يمكن لهم مساعدة المفتشين في القيام بمهام التفتيش”.

أما بالنسبة لاختصاصات المفتشية العامة، فقد حددها القانون  في “التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة، رئاسة ونيابة عامة؛ وتنسيق وتتبع التفتيش القضائي اللامركزي، والإشراف عليه، ودراسة ومعالجة الشكايات والتظلمات التي يحيلها عليها الرئيس المنتدب، والقيام في المادة التأديبية بالأبحاث والتحريات التي يأمر بها الرئيس المنتدب، وتتبع ثروة القضاة بتكليف من الرئيس المنتدب، وتقدير ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم، بتكليف من الرئيس المنتدب وبعد موافقة المجلس”، فضلا عن “تنفيذ برامج التعاون الدولي التي يقيمها المجلس في مجال التفتيش القضائي.

وبهدف التفتيش القضائي المركزي للمحاكم، يضيف القانون، إلى “تتبع وتقييم الأداء القضائي للمحاكم استنادا إلى مؤشرات قياس النجاعة والفعالية والجودة، والوقوف على مدى تنفيذ برامج العمل المتعلقة بكيفية النهوض بأعباء الإدارة القضائية، ورصد المعيقات والصعوبات التي تعترض الرفع من النجاعة القضائية، واقتراح الحلول والوسائل الكفيلة بتقويم الاختلالات المرصودة”.

وبموجب المادة 12 من القانون “يضع المفتش العام بتنسيق مع الرئيس المنتدب ورئيس النيابة العامة، كل في ما يخصه، قبل نهاية كل سنة، برنامجا تحدد فيه محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الدرجة الثانية التي ستخضع للتفتيش برسم السنة الموالية”، على أن يتم  إشعارالمجلس بهذا البرنامج، وتوجييه أيضا إلى المحاكم المعنية به.

ويجيز القانون للمفتشية العامة، بطلب من الرئيس المنتدب أو من رئيس النيابة العامة أن تجري “تفتيشا طارئا خارج البرنامج المذكور، كلما اقتضت الضرورة ذلك، مع إشعار المجلس”.

ويتم التفتيش القضائي المركزي للمحاكم بواسطة بعثة يعينها المفتش العام، تتكون من مفتشين اثنين على الأقل، وهي البعثة التي خولها القانون أخذ إفادة المسؤولين القضائيين بالمحاكم المعنية بالتفتيش، وكل شخص آخر ترى ضرورة في الاستعانة بإفادته.

ويلزم القانون “المسؤولين القضائيين بالمحاكم المذكورة تمكين بعثة التفتيش من جميع الاحصائيات والوثائق والمستندات والمعلومات المطلوبة”، فيما تعد هذه الأخيرة “مشروع تقرير يتضمن ما قامت به تنفيذا للمهمة المكلفة بها والملاحظات المسجلة من قبلها”، وبعدها يحال هذا المشروع “فور إعداده على المسؤولين القضائيين بالمحاكم المعنية بالتفتيش، كل في ما يخصه، للاطلاع عليه والإدلاء بتعقيباتهم المعززة بالمستندات الضرورية إن اقتضى الحال، وذلك داخل أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما من تاريخ التوصل به، تحت طائلة رفع التقرير على حالته إلى المفتش العام”.

وبحسب القانون “يتعين على بعثة التفتيش دراسة التعقيبات المدلى بها، وتأخذ الجدي منها بعين الاعتبار عند صياغة التقرير الخاص بالمحكمة، وتضم غير المعتبرة منها على حالتها لتصبح جزءا من هذا التقرير، كما تضمنه التوصيات الكفيلة بمعالجة المعيقات المرصودة بعد التنسيق مع كل من الرئيس المنتدب ورئيس النيابة العامة كل فيما يخصه”.

كما يلزم القانون المفتش العام برفع “التقرير الشامل المعد من قبل بعثة التفتيش في صيغته النهائية، مرفقا باقتراحاته إلى الرئيس المنتدب الذي يعرضه على المجلس”. كما يحيل المفتش العام الشق المتعلق بالنيابة العامة إلى رئيس النيابة العامة، فيما يحيل نسخة من التقرير إلى المسؤولين القضائيين بالمحكمة المعنية، كل فيما يخصه.

ويخوّل القانون كذلك للمفتشية العامة، بتكليف من الرئيس المنتدب أو رئيس النيابة العامة “تتبع مآل التوصيات المضمنة بالتقرير الخاص المنجز بمناسبة تفتيش المحاكم، وترفع بذلك تقريرا إلى الرئيس المنتدب لعرضه على المجلس، كما ترفع الشق المتعلق بالنيابة العامة إلى رئيس النيابة العامة”.

وبحسب القانون، “يمكن للمفتشية العامة، بعد موافقة الرئيس المنتدب، كلما وقفت بعثة التفتيش بمناسبة قيامها بتفتيش إحدى المحاكم، على إخلال منسوب لقاض من قضاة الأحكام أو قضاة النيابة العامة، أن تقوم بالأبحاث والتحريات اللازمة بعين المكان، مع إشعار المجلس ورئيس النيابة العامة إذا تعلق الأمر بقضاة النيابة العامة”.

وارتباطا بالأبحاث التحريات، ينص القانون على أن “تقوم المفتشية العامة، بناء على طلب من الرئيس المنتدب، بالأبحاث والتحريات فيما قد ينسب إلى القضاة من إخلال يمكن أن يكون محل متابعة تأديبية”، على أن تشعر رئيس النيابة العامة لكما تعلق الأمر بأحد قضاة النيابة العامة.

ويورد القانون، أنه “تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 107 من القانون التنظيمي رقم 100.13، تقوم المفتشية العامة، بتكليف من الرئيس المنتدب، بتتبع ثروة القضاة، كما تقوم بتكليف منه أيضا وبعد موافقة المجلس بتقدير ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم”.

وفي هذا الإطار، يمنح القانون للمفتشية العامة إمكانية الاطلاع على التصاريح بالممتلكات الخاصة بالقضاة”، على أن تتم الأبحاث والتحريات المذكورة بواسطة مفتشين اثنين على الأقل ، يعينهم المفتش العام من درجة تفوق أو توازي درجة القاضي المعني بالبحث”.

ووفق القانون، فإن للمفتشين المذكورين سلطة عامة للقيام بالأبحاث والتحريات، ولهم بمناسبتها حق الاطلاع على “ملف القاضي المعني بالتفتيش، وعلى التقارير المنجزة من لدن المسؤولين القضائيين بخصوص سلوكه وأدائه لمهامه، وعلى كافة الوثائق التي يرونها مفيدة في الأبحاث والتحريات، مع أخذ نسخ منها”.

كما يخوّل لهم القانون حق “الاستماع إلى القاضي المعني، والتحقق من المعلومات بكافة الوسائل المتاحة”، إلى جانب “القيام بأي إجراء، أو تكليف أي جهة للقيام بما من شأنه تسهيل مهمتهم”؛ و”الاستعانة بذوي الخبرة”، وكذا “الحصول على معلومات من إدارات الدولة وباقي أشخاص القانون العام والأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون الخاص، ولاسيما مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها  ومتعهدي الشبكات العامة للمواصلات، وذلك بناء على طلب يوجهه المفتش العام إلى مسؤولي هذه المؤسسات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى