وزير الصحة بلا صحة: عندما تتحول الحكومة إلى درع واقي للوبيات المال

متابعة | ياسر الصيباري
تعيين أمين التهراوي وزيرا للصحة سنة 2024 لم يكن مجرد اختيار إداري عابر، بل كان شرارة فجرت واحدة من أكبر موجات الغضب الشعبي في المغرب منذ سنة 2011.
الرجل لا يملك أي خبرة طبية ولا علاقة له بالقطاع الصحي، بل تدرج بين البنوك والمراكز التجارية الفاخرة، قبل أن يصبح فجأة المسؤول الأول عن صحة ملايين المغاربة.
التهراوي حاصل على تكوين في الإدارة العامة، وبدأ مساره في التجاري وفا بنك، لينتقل لاحقاً إلى حضن مجموعة AKSAL المملوكة لسلوى الإدريسي، زوجة رئيس الحكومة عزيز أخنوش. هناك تقلد منصب مدير إداري لسنوات، قبل أن يلتحق بمكتب أخنوش في وزارة الفلاحة، ليجد نفسه في 2024 وزيراً للصحة خلفاً للبروفيسور خالد آيت الطالب.
هل يمكن لعقل راجح أن يقتنع بأن هذا المسار يؤهله لإصلاح مستشفيات مترهلة ومنظومة صحية تحتضر؟
الشارع المغربي لم يتأخر كثيرا في إبداء ردة الفعل ونحن الان نسجل مظاهرات حاشدة اجتاحت مدناً كبرى وصغرى على السواء، قادتها حركة genz212، رفعت شعاراً صارخاً: “لا لتسليع الصحة، لا لحكومة الشركات”. فالمغاربة يرون بوضوح أن الحكومة الحالية تحولت إلى مظلة لحماية مصالح لوبيات المصحات الخاصة وشركات الأدوية، على حساب المواطنين البسطاء الذين ينتظرون ساعات طويلة في طوابير المستشفيات العمومية، ليجدوا في النهاية أطباء غائبون وخدمات منهارة.
تعيين التهراوي ليس مجرد خطأ سياسي، بل هو رسالة واضحة: الدولة الاجتماعية التي بشرت بها حكومة أخنوس لم تكن سوى شعار انتخابي، بينما الحقيقة أن الحكومة اختارت أن تسلّم وزارة الصحة ـ رمز العدالة الاجتماعية ـ لرجل أعمال مقرب أي لن يعارض أي قانون أو صفقة محتملة، خبير في التسيير التجاري لا في إنقاذ الأرواح.
المغاربة خرجوا إلى الشارع ليقولوا بصوت واحد إن الدولة الاجتماعية ليست رفاهية إعلامية، بل حق دستوري. والمطالبة برحيل هذه الحكومة ليس مجرد شعار عابر، بل خياراً وطنياً لحماية ما تبقى من ثقة بين المواطن ومؤسسات بلاده.



