أول حكم بطنجة يقضي باستعمال “السوار الإلكتروني” بدل السجن

شهدت المحكمة الابتدائية بطنجة، يوم الأربعاء 27 غشت 2025، حدثا قضائيا غير مسبوق تمثل في النطق بأول حكم يقضي باستبدال العقوبة السجنية بتركيب السوار الإلكتروني، أو ما وصفه القاضي بـ”الدملج”، في حق أحد المعتقلين، وذلك كبديل عن ستة أشهر حبسا نافذا.
وحسب ما أوردته يومية “الصباح” في عددها ليوم الجمعة 29 غشت 2025، فإن المحكمة كانت قد أمرت بداية الأسبوع الماضي بوضع الجانح رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن طنجة، استنادا إلى قرار النيابة العامة التي اعتبرت الفعل المرتكب ذا خطورة تستوجب التوقيف، غير أن هيئة الحكم ارتأت أن تستبدل العقوبة السجنية النافذة بفرض المراقبة الإلكترونية، من خلال إلزام المحكوم بارتداء السوار الإلكتروني وملازمة بيته طيلة فترة العقوبة.
وقد لقي هذا القرار ارتياحا من قبل دفاع المتهم وأسرته، خصوصا أن الأخير لم يسبق أن قضى أي عقوبة سجنية من قبل، ما اعتبر خطوة إيجابية نحو تعزيز البعد الإنساني والاجتماعي في تنفيذ العقوبات.
المحكمة تنتظر آجال الطعون القانونية قبل الشروع في التنفيذ، وفي حال عدم تسجيل أي طعن من طرف النيابة العامة أو المحكوم نفسه، سيحال الحكم على قاضي تنفيذ العقوبات قصد التأشير عليه، قبل إحالته إلى المؤسسة السجنية بطنجة للشروع في عملية التركيب الفعلي للسوار الإلكتروني.
وفي السياق ذاته، أكد مولاي إدريس أكلمام، مدير العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء والمسؤول عن تتبع تنفيذ العقوبات البديلة، أن 650 سوارا إلكترونيا جاهزة للتركيب، مشيرا إلى أن الشركة المتعاقدة مع المندوبية العامة لإدارة السجون على استعداد لتزويد المؤسسات القضائية بهذه الأساور فور صدور أحكام تقضي بها.
كما أحدثت المندوبية منصة مركزية بالرباط مجهزة بقاعة كبيرة لتدريب موظفي السجون على كيفية تركيب وإزالة السوار الإلكتروني، إضافة إلى متابعة المراقبة البعدية عبر أنظمة تقنية دقيقة، لرصد مدى التزام المحكوم عليهم بشروط هذه العقوبة.
إلى جانب المراقبة الإلكترونية، وضعت فرق خاصة داخل 58 مؤسسة سجنية من أصل 74 على الصعيد الوطني، لمواكبة تنفيذ باقي العقوبات البديلة التي نص عليها القانون الجديد، مثل العمل لفائدة المنفعة العامة، والتدابير العلاجية والتأهيلية، والغرامات اليومية.
ومنذ دخول هذه المقتضيات حيز التنفيذ يوم 22 غشت 2025، صدرت 29 حكما بالعقوبات البديلة، كان آخرها الحكم الابتدائي الصادر بطنجة، الذي يعد سابقة في تاريخ القضاء المغربي من حيث فرض المراقبة الإلكترونية عبر السوار. ويعكس هذا الحكم التوجه الجديد للسياسة الجنائية بالمغرب نحو تقليص اللجوء إلى العقوبات السجنية القصيرة الأمد، وتعويضها بآليات أكثر نجاعة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، بما يضمن إعادة إدماج المحكوم عليهم دون المساس بالأمن العام.



