أخنوش وحزب الأحرار خارج التحالف الحكومي المقبل

متابعة | ياسر الصيباري

يبدو أن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة في المغرب، ومرجح جدا غيابه عن التحالف الحكومي المقبل، إذ يواجه تحديات كبيرة في المحافظة على موقعه داخل المشهد السياسي الوطني، فمنذ تشكيل الحكومة بقيادة عزيز أخنوش، طفت على السطح انتقادات واسعة النطاق بشأن الأداء الحكومي، خصوصا في ما يتعلق بالقطاعات الوزارية التي يديرها وزراء حزب الحمامة.

مرت ثلاث سنوات من عمر الحكومة الحالية، ومازالت قطاعات وزارية يديرها حزب الأحرار تتخبط في تقديم حلول مبتكرة للحد من الإشكالات المزمنة، مثل الاكتظاظ، والهدر المدرسي، وضعف جودة المناهج التعليمية، وبرغم الترويج لرؤية إصلاحية جديدة، فإن العديد من الفاعلين في القطاع يعتبرون أنها ظلت حبيسة النظريات دون أن تترجم إلى واقع ملموس.

لقد أثار الإعلان عن فوز شركة يملكها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بصفقة مشروع تحلية المياه في الدار البيضاء جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية، فهذه الصفقة سلطت الضوء مجددا على ما يعتبره منتقدو أخنوش تضاربا صارخا في المصالح بين منصبه كرئيس للحكومة ودوره كرجل أعمال يدير مجموعة اقتصادية كبرى تسيطر على قطاعات حيوية في البلاد، بما في ذلك المحروقات والفلاحة.

فوز الشركة المملوكة لأخنوش بمشروع تحلية المياه يعيد إلى الواجهة النقاش حول غياب إطار واضح لفصل المهام بين المسؤوليات السياسية والمصالح الاقتصادية، ويتساءل العديد من المراقبين عن مدى احترام الحكومة الحالية لمبادئ المنافسة الشريفة في منح الصفقات الكبرى، خاصة أن هذه الصفقة تتعلق بقطاع استراتيجي يتمتع بأهمية كبيرة للمغاربة، نظرا لأزمة المياه التي تواجهها البلاد.

ويتزامن هذا الجدل مع استمرار انتقادات شديدة لدور شركات المحروقات، وعلى رأسها شركة “أفريقيا” المملوكة لأخنوش، في فرض أسعار مرتفعة على السوق الوطنية، ورغم النداءات المتكررة لفتح تحقيق معمق في قضية الاحتكار والتلاعب بأسعار المحروقات، إلا أن غياب تدخل حكومي حازم يزيد من الاحتقان الشعبي ويضع رئيس الحكومة في موقف محرج.

ويرى محللون أن هذه القضايا تشكل إحراجا كبيرا لعزيز أخنوش وحكومته، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد، فالتضخم وارتفاع الأسعار، إلى جانب غياب إصلاحات هيكلية، يُضاف إليها الجدل حول تضارب المصالح، ما أضعف الثقة في قدرة الحكومة على تحقيق الإصلاحات الموعودة.

ويُجمِع خبراء الاقتصاد والسياسة على أن فصل المصالح الاقتصادية عن المسؤوليات السياسية يمثل شرطا أساسيا لضمان نزاهة العملية السياسية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، كما يطالبون بإقرار قوانين تمنع المسؤولين الحكوميين من إدارة أو الاستفادة من شركات قد تتأثر بقراراتهم.

ختاما، نقول إن صفقة تحلية المياه في الدار البيضاء ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل عنوان لقضية أعمق تتعلق بتضارب المصالح وغياب الشفافية، فاستمرار هذه الممارسات، إلى جانب غياب حلول ملموسة لمشاكل المواطن اليومية، يهدد بإضعاف ثقة المغاربة في العملية السياسية، مما يضع رئيس الحكومة أمام اختبار حقيقي لمصداقيته وقدرته على تقديم نموذج جديد للحكامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى