ملاعب القرب بطنجة.. أداة جديدة لتكريس الرِيعْ

بعدما كانت بمثابة رهان إستراتيجي للدولة سعت من خلال إحداثها لتوسيع وتشجيع الممارسة الرياضية في أوساط الشاب والأطفال، وذلك قصد التقليص من نسب انحرافهم واتجاههم نحو الإدمان والإجرام، فضلا عن التخفيف من حدة الإحتقان خاصة في أوساط الشباب ممن يعانون من آفة البطالة، انحرفت الملاعب السوسيو رياضية للقرب عن أهدافها المسطرة وأصبحت بقدرة قادر بمثابة تلك الدجاجة التي تبيض ذهبا.

وأنت تجول مدينة طنجة التي تحتضن حوالي 90 ملعب للقرب تم إحداثها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لا يمكن أن يخفى على ناظريك كمية السخط والغضب الذي يختلج نفوس الشباب الذين أصبحوا ملزمين قبل التفكير في دحرجة الكرة داخل هذه الملاعب بدفع إيتاوات لأشخاص نصّبوا أنفسهم “مُلاّكا” لهذه المنشآت تحت غطاء “العمل الجمعوي”، فمثلا فحي بنكيران التابع لمقاطعة مغوغة التي تضم مايقارب الثلث من ملاعب القرب المنجزة بمدينة طنجة، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن المشرفين على هذه الملاعب التابعة للحي والتي يبلغ عددها ست ملاعب يجنون أرباحا جد مغرية.

فالراغب في الإستفادة من هذه الملاعب يلزم وبالرغم من شعار المجانية الذي رُفع في ما مرة ورغما عن القرارات والمذكرات الصادرة عن وزارة الشبيبة والرياضة التي أقرت مجانية الإستفادة من هذه الملاعب في مناسبات عديدة، بأداء مبالغ مالية تتراوح مابين 150 درهم إلى 200 درهم للساعة الواحدة لهؤلاء الأشخاص أو أكثر من ذلك حسب كل حالة، حيث قد تصل مداخيل هذه الملاعب في هذا الحي لحوالي 10 آلاف درهم يوميا، ماساهم في ظهور طبقة من “الفاعلين الجمعويين” تمكنوا من تحقيق ثروة في ظرف قياسي.

كل هذا يجري بإيعاز من رجال سلطة يعرفهم القاصي والداني، والذين لم يفوتوا بدورهم فرصة الإستفادة من هذه “الكعكة السمينة”، بل وصل الأمر حد قيام بعضهم بتأسيس أندية رياضية ووضع محسوبين عليه على رأسها لضمان حصة أكبر من هذا “الريع”، بالرغم من خصوصية مناصبهم.

ولم تسلم هذه الملاعب بدورها من مظاهر التسييس، حيث تم تفويت أغلبها لمقربين من أحزاب سياسية من قبل رجال سلطة لحشد أصوات انتخابية لأحزاب دون أخرى، مقابل الغاضي عن الأرباح المغرية التي تذرها عليهم.

وفي الأخير، يبقى السؤال قائما، إلى متى ستبقى هذه المنشآت التي كلف إنجازها الملايير، غارقة في الريع ومظاهر التسيب، في غياب آلية موجدة لتدبيرها.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى