جامعيون ومختصون يناقشون في ندوة دولية بطنجة سبل تحسين مناخ الأعمال بالدول المغاربية

في إطار الحرص على استمرارية إشعاعها العلمي ورغبة منها في الانفتاح على محيطها السوسيو اقتصادي، نظمت كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بطنجة، من خلال شعبها القانون العام والقانون الخاص والاقتصاد، وبشراكة مع مركز تكامل للدراسات والابحاث ندوة دولية حول موضوع مناخ الأعمال بالدولالمغاربية: الاستراتيجيات، المتدخلون والآفاق”، وذلك طيلة يومي 28 و29 ماي 2021 عبر تقنيتي الحضور وعن بعد، وقد شارك في هذه الندوة ثلة من الأساتذة الجامعيين ورجال القضاء المتخصصين والفاعلين والطلبة والباحثين.

وقد أطر هذه الندوة تصورا استهدف مقاربة الموضوع من زوايا متعددة المداخل يتقاطع فيها البعد القانوني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذا المدخل القضائي لضمان الاستقلالية وتعزيز الحكامة الجيدة.

ومن هذا المنطلق عمل المتدخلون على تسليط الضوء على واقع مناخ الاعمال، في ظل تزايد التنافس على جذب وتحسين جودة الاستثمارات بما من شانه الرفع من مستويات ومؤشرات التنمية السوسيو اقتصادية في البلدان المغاربية.

ويعد مناخ الاعمال الفعال ضروريا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، الذي انخرط لاكثر من عقد من الزمن في اصلاحات تروم تحسين البنية التي يشتغل فيها الفاعلون الاقتصاديون ورغم أن تاثير هذه الاصلاحات يبدو جليا في العديد من المجالات إلا أنه لا يزال غير كاف، وهو ما يفرض مواصلة الجهود حتى تكون الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للإصلاحات المرتبطة بتطوير مناخ الاعمال أكثر وضوحا.

وهكذا فقد حقق المغرب قفزة بسبع مراكز في تقرير ممارسة الأعمال لسنة 2020 الذي تصدره مجموعة البنك الدولي، وارتقى الى المركز 53 عالميا، وهذا يعكس تقدما ملموسا في تحقيق هدف المغرب المتمثل في ولوج دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل عالميا في أفق 2021.

كما كشف التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي 2017 عن وجود خمسة عوامل تشكل العراقيل الرئيسية، التي تحول دون تحسين مناخ الاعمال بالمغرب، ألا وهي: الفساد، ضعف نجاعة الادارة العمومية، الحصول على التمويل، النظام الضريبي بالاضافة الى التعليم الغير الملائم لحاجيات سوق الشغل.

وعلى المستوى الوطني تم إقرار مجموعة من النصوص القانونية الحديثة والمهيكلة الهادفة الى تطوير منظومة المال والأعمال، وتشجيع الاستثمار وتنشيط الدورة الإقتصادية، ودعم المقاولات الوطنية وجعلها رافعة للتنمية الإقتصادية.

يمكننا القول بأن توفير المناخ الملائم والمناسب للاستثمار لا يقتضي فقط تحديث التشريعات المحفزة بل يقتضي أيضا توفير الضمانات القانونية والإقتصادية الكفيلة بتحقيق الثقة في النظام القضائي وتوفير الأمن الكامل للمستثمرين، مع التأكيد على أهمية توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار على الصعيد الوطني والجهوي والدولي، وتجاوز اشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال.

كما شدد المتدخلون على أن البعد المغاربي مهم جدا، فالمجال الاقليمي المغاربي هو حوض للحياة لكن المفاوقة أن حجم المبادلات الإقتصادية بين الدول المغاربية لا يتجاوز %5 بينما يصل الى 70% مع دول الاتحاد الاوروبي، لذلك يتعين عليها الاشتغال في تكتل إقليمي.

ونحن نعتقد بأن المصير المشترك والأواصر التاريخية يمكن ان تؤسس لفرصة التأمل والتفكير العقلاني الصادق ونبذ كل الخلافات السياسوية العقيمة من أجل تقييم موضوعي للإمكانات والفرص لتطوير التعاون الاقتصادي المنتج للثروة والمشكل للقيمة المضافة فيميزان اقتصاديات الدول المغاربية.

كما تم التأكيد ايضا على أهمية اعتماد التحكيم المؤسساتي كرافعة للتنمية في مجال الاستثمار، وكذا دور القضاء التجاري في حماية المقاولة من خلال تجربة المحكمة التجارية بطنجة.

وأكد المتدخلون في جل أوراقهم على جملة من الآليات والمداخل الكفيلة بتحسين وتجويد مناخ الأعمال حيث تم التأكيد على استعجالية وأهمية:

+ العمل على تحديث المنظومة القانونية للأعمال والأمن القانوني عن طريق ملاءمة المنظومات القانونية المنظمة لقضايا التجارة والأعمال مع المتطلبات والسياقات الوطنية والدولية، وتعزيز دور السياسات الجنائية في تحسين مناخ الأعمال.

+ توفير الأمن الكامل للمستثمرين عن طريق توحيد آليات ومساطرتسوية منازعات الاستثمار على الصعيد الوطني والجهوي والدولي.

+ تطوير وتجويد وتحديث المنظومات القانونية وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية في مجال حماية الاستثمار، وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال، بما من شـأنه الإسهام في تعزيز شفافية الخدمات القضائية وتخليق منظومة قضاء الأعمال، وتحسين الحكامة والشفافية في إدارة الشركات، وإرساء مقومات العدالة الرقمية لمسايرة متطلبات مناخ الأعمال.

+ ملاءمة وتوحيد القوانين التجارية الوطنية لتحقيق تكتل اقتصادي ناجح يؤدي إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية.

+ توحيد وملاءمة القوانين الوطنية المتعلقة بقضايا التجارة والاستثمار مع السياقات الدولية الهادفة لتحسين مناخ الأعمال.

+تعزيز دور الفاعلين الاقتصاديين في المبادرة التشريعية وفق مقاربة تشاركية، توازي بين ضرورات تعديل المنظومة القانونية للأعمال، واختصاص الجهات المكلفة بالتشريع.

+وضع سياسة جنائية متكاملة، توازن من جهة بين الأسس القانونية المنظمة للاستثمار وبين انتظارات الفاعلين الاقتصاديين، وتحقق من جهة أخرى، الملاءمة بين حماية النظام العام الاقتصادي وبين تشجيع المبادرة الفردية.

وارتباطا بأهمية دور القضاء في تحسين مناخ الأعمال فقد تم التنصيص على:

+ توحيد العمل القضائي والحد من تضاربه من اجل تحقيق الآمن القضائي في مجال الاستثمار.

+جعل العدالة أهم مفتاح لتحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة.

+ تطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها من خلال مقاربة شمولية مندمجة تتعامل مع الاستثمار في مختلف جوانبه المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية والضريبية والجمركية وتستحضر الأبعاد الدولية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات.

+ تأهيل عناصر السلطة القضائية، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها بإرساء مقومات المحكمة الرقمية، وتحديث خدماتها، وتيسير انفتاحها على محيطها، والرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهلاتها.

+إرساء قضاء مستقل كفء منفتح وقائم بذاته من خلال دعم استقلال السلطة القضائية.

اعتماد الآليات والسبل الكفيلة بتوحيد الاجتهاد القضائي والحد من تضاربه وذلك عبر تطوير قواعد بيانات قرارات المحاكم العليا ، تمكن القضاة وباقي منتسبي منظومة العدالة، من الولوج والاطلاع عليها والتعليق على مضامينها، بما يسمح بالرفع من جودة الأحكام والقرارات، ويحقق الأمن القضائي المنشود.

+ تثمين دور الوسائل البديلة لفض المنازعات إلى جانب القضاء الوطني، في حماية وتشجيع الاستثمار وتوفير بيئة اقتصادية تتسم بالثقة والاستقرار، وحفظ المراكز القانونية للمستثمر والدولة المضيفة للاستثمار ودعم حركية رؤوس الأموال.

+تطوير وتجويد وتحديث المنظومة القانونية وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال.

+العمل على مسايرة الثورة الرقمية لحسن تدبير مرفق العدالة ومواكبة المتغيرات العالمية في مجال المال والأعمال.

+تسخير واستعمال تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات، لتحقيق عدالة حديثة ومتطورة مسايرة لحركية الاقتصاد المتسارع وتحقيق التحول الرقمي المنشود في مجال تدبير عمل المحاكم المهن القانونية والقضائية.

+عصرنة عمل منظومات العدالة عبر تقوية البنيات التحتية التكنولوجية للمحاكم، وتوفير الأنظمة المعلوماتية المتطورة، خاصة المتعلقة بتدبير الملقاة والسجلات، وتوفير الخدمات الإلكترونية عن بعد، والأداء الالكتروني للمصاريف القضائية.

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتوجه مجددا بالشكر والإمتنان، لكل المشاركين والمساهمين في إنجاح أشغال هذه الندوة المغاربية الهامة والراهنة، لاسيما وتزامنا مع صدور تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، والذي من شأنه أن يشكل مادة دسمة لتنظيم لقاءات وأيام دراسية تدلي فيها الجامعة بدلوها في النقاش العمومي الهادف والرصين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى