حملة “بونظيف” التي تقودها وزارة الداخلية ترسم معالم الإنتخابات المقبلة
بقلم | عصام الطالبي
بدأت تظهر جليا معالم وصورة الإنتخابات التشريعية والجماعية المقبلة، والتوجه الجديد الذي رسمته الدولة العميقة للمشهد السياسي والحزبي في بلادنا، لاسيما مع حملة “بونظيف” التي تقودها وزارة الداخلية بصرامة وبدون حزازات في حق المنتخبين من رؤساء جماعات ورؤساء مقاطعات وبرلمانيين ومستشارين، ثبت تورطهم في خروقات خلال تدبيرهم للشأن المحلي أو الجهوي أو الوطني، واستغلوا مناصبهم لأجل مصالحهم الشخصية، مخالفين بذلك مقتضيات القوانين التنظيمية المعمول بها.
إن حملة “بونظيف” غير المسبوقة التي أطلقتها وزارة الداخلية، توجت بتوقيف وعزل عدد كبير من المنتخبين، مع احالة بعضهم على محاكم جرائم الأموال، – الحملة – أحرجت الأحزاب السياسية خصوصا “العريقة”، التي زكّت منتخبين فاسدين، بدل من اعتمادها على معيار الكفاءة والنزاهة والإستقامة، كما نصّت على ذلك إحدى خطب جلالة الملك في مناسبات سابقة.
لا شك أن مُخلّفات استحقاقات شتنبر 2021 ونمط “القاسم الإنتخابي”، ساهمت بشكل كبير في تدني مستوى الأداء في تدبير الشأن المحلي والوطني، بعد تولي أشخاص أمِّيون مسؤوليات تسيير مؤسسات منتخبة، وهو ما نؤاخذ عليه الأحزاب السياسية التي قَدّمت للمواطنين مرشحين في وضعية “حالة سراح”، إذ أن بعضهم مُتابع في المحاكم في ملفات ثقيلة، وأخرين متهمين بالسطو على الأراضي الجماعية والتزوير وتبديد أموال عمومية، وأخرين (الباطرونا) هضموا حقوق العمال والطبقة الشغيلة، وأخرين مرّروا صفقات مهمة لذويهم وأقربائهم…
مع الإشارة الى أن النقاشات في مجلسي النواب والمستشارين سواءٌ في الجلسات أو اللِجان، لم تَسلم من ملاحظات، من قبيل تراجع وتدني مستوى النقاش بخصوص السياسات العمومية، فضلا عن ضعف المساهمة في وضع الاقتراحات التي تهم مشاريع القوانين، وكذلك القرارات الكبرى المرتبطة بمصير المواطن والإدارة العمومية، مع تسجيل الغياب المتكرر لنواب ومستشارين ترشحوا للبرلمان من أجل حيازة لقب “برلماني” فقط .
صحيح أن المسؤولية الأكبر في ترشيح منتخبين تحوم حولهم شبهة الفساد تتحمله الأحزاب السياسية، لكن ذلك لا يُخلى وزارة الداخلية من مسؤولية ما وصل اليه المشهد السياسي في المغرب، بحكم أن ملفات الترشيح توضع لدى مصالح الشؤون الداخلية بالولايات والعمالات، التي تحرر تقارير دقيقة عن كل مرشح ونرشحة، فلماذا تم السماح لهم بالترشح!؟.
كل المؤشرات توحي بأن وزارة الداخلية ستقطع مع زمن “الشْكارة” التي تفضله الأحزاب السياسية كمِعيار لتزكية مرشحيها وهو مطلب جماعيري “شعبي”، إذ ستكون – الداخلية – صارمة في التأشير على ملفات الترشيح، كما يُرجح جدا أن تخرج لائحة الممنوعين من الترشح مُبكرا الى العلن، كي تكف هذه الأحزاب عن تقويض المشهد وتنفير المواطنين عن التصويت.
وأستحضر في الختام، مقتطف من خطاب سابق للملك محمد السادس، حين قال: ” أوجه النداء لكل الناخبين، بضرورة تحكيم ضمائرهم، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين، خلال عملية التصويت، بعيدا عن أي اعتبارات، كيفما كان نوعها”.
كما دعا جلالة الملك الأحزاب، لتقديم مرشحين، تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة، وروح المسؤولية، والحرص على خدمة المواطن”.